آليسون واشنطون تكتب: معنى أن تكوني عابرة
ترجمة: آيفي ناصر
معنى أن أكون عابرة؟
يا الله، يا له من سؤال!.. لا أدرِ في الحقيقة من أين أبدأ، وإن بدأت، أين أتوقف
أكتب هذا بينما أنا الآن امرأة مماثلة لمعايير الشكل التقليدية لمن لسن عابرات جنسياً، امرأة ذات ميول جنسية مغايرة، تقترب من الستين عاماً. مررت بمرحلة العبور الجنسي، منذ ما يقرب من ثلاثة عقود، ومنذ ذلك الحين صارعت الكثير. بعد مرحلة العبور، أحرزت مقداراً عالياً من معايير الجمال، التي تخص من لسن عابرات جنسياً. وكان لذلك دوراً في تجربتي، إضافة الى ذلك، كنت من الطبقة المتوسطة قبل مرحلة العبور، ومرت السنوات وها أنا انحدرت إلى الفقر تدريجياً، وهذا أيضاً ساهم في تجربتي… تأتي الأنوثة غالباً بثمن باهظ
قبل عبوري، كانت الحياة صعبة، لا تطاق، وغالباً ما كانت تنهار. “زي الرجل” الذي اضطررت إلى ارتدائه لسبعة عشر عاماً كان يعذبني. وحين بدأت الأنوثة في فرض نفسها، كنت أمام خيارين، إما أن أزج بنفسي داخل سجن لا يحتمل من العزلة، أو أن أصبح “فرجة” للآخرين
في وقت ما، أثناء مرحلة عبوري، صرت أعتبر “طبيعيةً” لأول مرة في حياتي. بعدها بفترة، صرت مرتاحةً في جسدي، ثم أصبحت نفسي أخيراً. حتى الآن، حين أقوم بالنظر إلى ثلاثة عقود مضت، لا أستطيع أن أصدق، كيف لتغير كبير مثل هذا أن يحدث. من شخص كان يبدو تماماً كرجل، لشخص صار يبدو تماماً كأنثى، من امرأة ليس لديها أي أمل لامرأة لديها مستقبل. من شخص ميت إلى شخص حي، إعادة بعث!. والآن لدي حياة امرأة عادية، وهذا أروع شيء يمكن أن يحدث
صار لدي خيارات، ولدي أمل، إذا كانت أوضاعي سيئة بإمكانها الآن أن تتحسن. مررت بتجربة طلاق مريرة، لكن بإمكاني الآن أن أواعد رجلاً طيباً. عاطلة عن العمل، لكن بإمكاني الحصول على وظيفة، بإمكاني الذهاب إلى المحال وشراء الملابس التي أريد، أن أجربها بنفسي وأرتديها. خروجي من المنزل على حقيقتي، من دون أن أختبئ، من دون أن أتظاهر بكوني شيء لست هو، يا لها من حرية
في بداية مرحلة عبوري، في بداية حياتي كامرأة، طوال الوقت، كان الهاجس المسيطر علي هو أن أتعرض للضرب بسبب هويتي. وكاد ذلك أن يحدث مرات عدة. بعد ذلك بستة أشهر، كان الخوف المسيطر علي هو أن أتعرض للاغتصاب، أو أن أتعرض للقتل عوضاً عن ذلك، بعد أن يكتشف أنني عابرة جنسياً، بعد ذلك (بعد الجراحة)، كان أكبر خوف لدي أن أتعرض للاغتصاب فقط
تأتي الأنوثة غالبًا بثمن باهظ
بعد فترة توقفت عن التفكير في كوني عابرة. وأخيراً، بطريقة ما، نسيت أنني كنت أبداً عابرة جنسياً، توقفت عن التفكير بذلك لبضعة عقود، حتى بدأت الحملات التي تنادي بعلانية العبور الجنسي، شيء جديد، لكن
الآن يبدو لي أن العلانية خطر، الانتقاد زاد، معدل الاعتداءات ارتفع، وصارت نظرة المجتمع المزدرية تتجه محدقة تجاه النساء العابرات. الامر يتعلق دوماً بالنساء العابرات، “رجال في فساتين”، “مخنثين”، “مسوخ”. أصبح من السهل تمييز النساء العابرات، بل أصبح تمييز نساء غير عابرات كعابرات يحدث أيضاً. امرأة أعرفها تعرضت للضرب منذ فترة. بعد ثلاثة عقود بدأت أتساءل: هل من السهل ملاحظتي؟ هل علي أن أقلق؟ للمرة الأولى منذ عقود، أصبحت أتردد حين أدخل حمام السيدات
بعد مرحلة الطفولة وقبل مرحلة عبوري، تم إقصائي من المساحات الخاصة بالسيدات، في حين كانت مساحات الرجال سامة، لم يكن لدي أي مساحة. كنت وحيدة تماماً في العالم. حديث الفتيات كان ينظر إليه بدونية، أحياناً حتى من النساء. إنه كما يراه نسيج المجتمع، الغراء الذي يحافظ على الثقافة الأنثوية. كان لدي حرية الوصول إليه حين كنت طفلة، ثم خسرت تلك الحرية. وبعد عودة تلك الحرية بعد سبعة عشر عاماً في ما بعد، كان أكثر شعور ارتياح و انتماء أحسست به في حياتي
أنا مغايرة الميول، أواعد، أحب، أتزوج الرجال، كان هذا أمر مليء بالصعوبات بالنسبة إلي، لكنه حين يأتيك رجلك محتضناً إياك، واضعاً يديه على وسطك، وطرف أذنك في أنفه، ملمس ذقنه الخشن، يكاد يكون أجمل شعور على الأرض، يستحق كل ما مررت به
المجال الشعوري الأنثوي رائع، في كلّ من الإحساس والتعبير، يحمل الأستروجين معه زيادةً في النطاق الشعوري، وبسرعة أيضاً. ومع ذلك النطاق اجتماعياً، تأتي حرية التعبير، في معظم الوقت بإمكاني الضحك والبكاء متى أريد، من دون استهجان من الناس
ديناميكية الجهاز التناسلي الأنثوي رائعة، خصوصاً إذا كان عليك العيش من دونها في ما سبق. شبكة التوصيل العصبية رائعة أيضاً، وشعور النشوة الأنثوية أكثر إثارةً للاهتمام من شعور النشوة الذكورية. فاشعروا بالأسف على الرجال
استيقظي من النوم، استحمي، أزيلي شعر ساقيك، ثم نشفي شعرك، ارتدي ملابسك التحتية، ضعي مساحيق التجميل. تنورة، بلوزة، جوارب طويلة، ثم الحذاء. رتبي شعرك، ثم اذهبي إلى العمل، ثم إلى المحال، وبعد ذلك إلى المنزل. حضري العشاء، اغسلي الصحون، علقي بلوزتك وتنورتك، لفي جواربك، أزيلي مساحيق التجميل، اغسلي وجهك، ثم رطبيه، ارتدي ملابس النوم. وتصبحين على خير
أنا لا أعرف كيف تكون حياتك كامرأة عابرة جنسياً، أنا فقط أعرف كيف تكون حياتك إن كنتِ آليسون. وفي معظم الأحيان، هذا كاف. في أول نصف من حياتي، حلمت بكوني آليسون، لكنني أبداً لم أتخيل أنها ممكنة. ثم في سنة واحدة كارثية ومدمرة، أصبحت هي، وصرت آليسون. منذ ذلك الحين، كوني عابرة جنسياً كان صعب أحياناً، لكن كوني آليسون، امرأة، كان مثالياً.
شكراً لسؤالكم
آليسون
_________________________________________________
آليسون واشنطون.. كاتبة وعابرة جنسيًا
آيفي ناصر.. مترجمة وعابرة جنسيًا