دراسة جديدة تحاول الوصول إلى مكون جيني للجندر ديسفوريا.. واعتراضات أخلاقية
نقلاً عن النيوزويك
ترجمة: أمينة محمد
تحرير: مهى محمد
ألقى العلماء الضوء من جديد على السبب وراء معاناة البعض من الجندر ديسفوريا – وهي حالة يعاني منها بعض اﻷشخاص العابرين/ات جندرياً – وعزوه إلى بدائل جينية نادرة مرتبطة بنمو الدماغ.
وبدراسة المادة الوراثية لثلاثين رجلاً وامرأة مشخصين بالجندر ديسفوريا، وُجدَ أن هناك عدد 21 بدائل نادرة لـ 19 جيناً، في مسارات بالدماغ مرتبطة بهرمون الإستروجين. يُعتقد أن هذه المسارات مهمة في تشكيل دماغ أنثوي أو ذكوري. قبل وبعد الوﻻدة- تحدد هذه الجينات وقت إفراز اﻹستروجين، والذي ترتبط بأوقات إفرازه عملية تذكير الدماغ- كما أوضح الباحثون في ورقتهم المنشورة في مجلة “Nature“. ويُعتقد أن أولئك المصنفين ذكوراً عند الوﻻدة ولكنهم يعرفون عن أنفسهم كإناث ﻻحقاً، ربما ﻻ يمرّون بعملية التذكير هذه. وطبقاً لمعدي هذه الدراسة، فأنه تقريباً 0.5 – 1.4 بالمائة من المصنفين ذكوراً عند الوﻻدة و 0.2 – 0.3 بالمائة من المصنفين إناثاً، سيعانون من الجندر ديسفوريا؛ وهي حالة تحدث عندما يشعر الشخص بضيق شديد ﻷن الجندر المحدد له عند الوﻻدة ﻻ يطابق شعورهم الداخلي. كمثال؛ شخص مولود بقضيب ومصنف ذكراً عند الوﻻدة، ولكنه يعرف عن نفسه كفتاة. علماً بأنه قد يعاني بعض وليس كل العابرين/ات جندرياً من الديسفوريا.
شملت الدراسة عينات دم من 13 رجل عابر جندرياً و 17 امرأة عابرة جندرياً. تم تشخيصهمن جميعاً بالجندر ديسفوريا. من هذه العينات، تمكن الباحثون من دراسة المادة الوراثية. كما تم استخدام مجموعة ضابطة مكونة من 88 فرداً من منسجمي الهوية الجندرية . وكما هو الحال في أي بحث علمي، عانت الدراسة قيوداً تمثلت في العدد المحدود للعينة (30 فرداً). د/ ج.جراهام ثيسين وهو طبيب نساء وتوليد وباحث بالمعهد الوطني للصحة الجنسية للنساء بكلية الطب بجامعة أوجوستا في جورجيا، وأحد معدي الدراسة، أخبر مجلة النيوزويك أن هذه الدراسة أكبر من أي دراسة أجريت ﻻستكشاف هذا الموضوع بنفس المنهجية. وﻻ يزال فريق الدراسة يحاول ضم المزيد من الأشخاص للدراسة بهدف الوصول لعدد 200 فرداً. كما أشاروا ﻷن الترانسجندر يواجهون صعوبات لتلقي الخدمات الصحية للتعامل مع الجندر ديسفوريا، بسبب الجهل بمسبباته البيولوجية المحتملة. وأن هذه الدراسة قد تساعد في محاربة هذا الجهل.
“يحكي العديد من العابرين/ات جندرياً، أن إحساسهم الداخلي بنوعهم ﻻ يطابق جنسهم منذ سن مبكر عند الخامسة” يقول د. ثيسين. “ولهذا السبب، نعتقد بقوة أن هناك مكوناً بيولوجياً للهوية الجندرية”. ويؤكد الباحثون أنهم ﻻ يسعون وراء ما يمكن تسميته بـ “جين الترانسجندر” ، والذي قد يتسبب في فرضية خاطئة أن هؤﻻء مرضى على نحو ما.
يقول د. ثيسين أن الجندر عبارة عن طيف، كما لون قزحية العين. كما أشار فريق الدراسة أن الغرض منها هو “محاولة فهم العمليات المعقدة لنمو وتطور الجندر من منظور جيني”.
“الهوية الجندرية للفرد هي ناتج تفاعﻻت معقدة بين عدة مورثات باﻹضافة للعوامل البيئية والاجتماعية”. وأوضح فريق الدراسة أن تصنيفات من قبيل “رجل عابر جندرياً” و “امرأة عابرة جندرياً” قد ﻻ تكون كافية لوصف اﻷفراد الذين ﻻ يعرفون أنفسهم كسيز جندر. كمثال، البعض قد يعرف عن نفسه كـ”لا ثنائي/ة الجندر”؛ أو بطرق أخرى متنوعة.
وأوضح فريق الدراسة “في حين أن بديل جيني واحد قد يكون سبباً كافياً لمعاناة البعض من الجندر ديسفوريا، قد ﻻ يكون ذلك كافياً لمعاناة الجميع منه”.
يقول د. ثيسين أن الهدف اﻷساسي من البحث هو محاولة فهم أفضل للمكون الجيني لطيف الهويات الجندرية، لمساعدة الأشخاص الترانس لفهم أنفسهم على نحو أفضل. أكثر من ذلك، نحن نعتقد أنه بهذا الفهم المعزِّز، سنكون قادرين على مواجهة الدعاوى التمييزية بأن الجندر ما هو إﻻ اختيار”. ودعا د.ثيسين اﻷشخاص العابرين/ات جندرياً للمشاركة في بحث على اﻹنترنت لمعرفة آرائهم بهذا الصدد.
سيمونا جيوردانو، خبيرة الهوية الجندرية وأخلاقيات البيولوجيا في مدرسة القانون بجامعة مانشستر ، أخبرت النيوزويك :” العديد من الدراسات أجريت في العقود القليلة الماضية والتي تقترح أن الهوية الجندرية والسلوكيات المرتبطة بالجندر، لها علاقة بالتعرض للهرمومات قبل الوﻻدة. من المحتمل أن هناك عدداً من الجينات ذات صلة بعملية التمايز الجنسي في مرحلة ما قبل الوﻻدة”
تقول جيوردانو أن مثل هذه الدراسات قد تساعد العابرين/ات جندرياً في طلبهم للمساعدة، وأنها تشكل دعماً للحجج القائلة بأن التراسنجندر ليس نمط حياة أو اختيار “لذا فالأشخاص الترانسجندر يستحقون المساعدة والدعم والقبول الاجتماعي”.
“ومع ذلك لا يجب أن نحتاج تشخيصاً طبياً لاستحقاق القبول والدعم” تجادل جيوردانو. “نحن نقدم المساعدة للنساء في حالة الطلق ﻷنهن يعانين وهناك وسائل للتخفيف من معاناتهن- ليس هناك أي حوجة لإلصاق الصفة المرضية بألمهن أو تصنيف الحمل كمرض”. “تقبل اختلافات الناس بشرط أن هناك سبباً بيولوجياً لهذا الاختلاف هي فكرة مشوهة عن التقبل” توضح جيوردانو.
من ناحية أخرى، ترى جيوردانو أن العثور على أساس بيولوجي للجندر ديسفوريا ربما يقود البعض للقول بأن التدخلات يفترض أن تتوجه لعلاج هذه الاختلافات الجينية؛ بدﻻً عن تغيير اﻷجساد لمطابقتها مع الهوية الجندرية.
“نخمن أن هذا ما سيحدث، وبقدرتنا على تحرير الخارطة الجينية، قد يجادل البعض أنه بمجرد العثور على البدائل الجينية المسئولة عن الجندر ديسفوريا فإنه بإمكاننا “إصلاح” هذه الجينات “المعطوبة” وإستبدالها بأخرى سليمة، للوقاية من أو معالجة الجندر ديسفوريا”.
“وعلى كل حال؛ بهذه الطريقة فإننا ﻻ نعالج الجندر ديسفوريا ولكننا سنمحو التراسنجندر” تقول جيوردانو. “هذا اﻷسلوب يشبه معالجة العنصرية عن طريق إبادة الملونين” وهذا خاطيء تماماً.
تختتم جيوردانو حديثها قائلة:” هناك قيمة حقيقية للبحث في موضوع التمايز الجنسي وتحديد الجندر”. وعلى كل حال؛ تصنيف الناس ووضعهم في فئات منفصلة عن بعضها البعض لهو أمر إشكالي، تصنيفات مثل الترانسجندر والسيزجندر ، ذكر وأنثى، تفتقد لتلك الحدود الصارمة فيما بينها”.
“البحث في هذا الموضوع، يجب أن يتوجه لتعزيز فهم عملية تحديد الجندر لدى الجميع، وليس لفئة مخصصة. عزل الترانسجندر كموضوع دراسة، ولو بدون قصد، سيزيد من الوصمة وارتباط اﻷقليات الجندرية بالانحراف في مخيلة العامة، وبالتالي مزيداً من التمييز”.
👏👏 شكراً لكم على هذا المجهود الجميل ♥️♥️