اللعبة التي غيرت حياتي – “الجزء الأول”
كتب: باسل إيرين
“dragon age inquisition”
حين لعبت لعبة الفيديو الخيالية تلك في 2014 لم أكن أتوقع أن حياتي سوف تتغير. كنت أعرف أن هناك علاقات كويرية في اللعبة (شخصيات مثلية, بايسكشوال و بانسكشوال, و بامكانك الارتباط في علاقة رومانسية مع شخصيات من نفس الجندر او جندر مختلف) ولكن لم أعلم أن هناك شخصية ترانس أيضا. اخترت أن ألعب كشخصية امراة من العرق البشري، نوع المحارب الذي يتمتع بالقوة لكي أكون في الخطوط الأمامية في المعركة. سميت البطلة “إيرين”، اسم محايد جنسيا (كنت عادة استخدم اسم “إيرين” عبر فترة التساؤل عن هويتي، وسيصبح فيما بعد اسمي الأوسط الذي أخطط لتغييره قانونيا). الغريب انني لم أكن اختار شخصية رجل في ألعاب الفيديو، بل كنت اكتفي بتصميم ذكوري أو محايد لشخصية امرأة. ربما لم أكن واثقا في هويتي بعد أو لأني أحب وجود النساء الأقوياء في الفن. أو لأني كنت أصدق أن ليس بامكاني أن أصير رجلا، بل يجب أن استمر في العيش كامراة “متشبهة”. ياه، كم أنا سعيد أني تخطيت هذا التفكير

كان أول لقاء مع “كريم” عندما ذهبت البطلة لاستئجار مرتزقة “الثور الحديدي”. هو قائدهم، و”كريم” ملازمه. أنا أكره الاعتراف بهذا ولكن …لقد كنت منجذبا ومعني جدا بشأن “كريم” لأنني لم استطع تحديد جندره وكنت أريد المعرفة بشدة (الآن لا أشغل بالي بهوية الناس، هذا يخصهم). صوته و مظهره كان يبدو لي محايدا, و ظللت افكر, هل هو امراة رجولية “بوتش” أو رجل منسجم الهوية أم…ترانس؟. لا…لا تأمل كثيرا، “كريم” علي الأرجح امراة رجولية محاربة. فرحت لأني سأقابل “كريم” مجددا فيما بعد. حين انظر الآن الي الوراء، أرى أنه كم كان من الرائع أن أول ظهور لـ”كريم” كان كشخصية اعتيادية يقوم بعمله كمحارب، ليس كمزحة أو كمهانة أو كعامل صدمة، علي عكس معظم تصوير الاشخاص الترانس في الفن
كريم الآن موجود في مدينة البطلة، وبإمكاننا التحدث معه عن مجموعة المرتزقة، وقدراتهم ومغامراتهم، وعن قائده “الثور الحديدي”. جزء مهم من حواره هو عندما تسأله البطلة “كيف لجندي أن ينتهي مع مجموعة المرتزقة من بلد آخر؟”، فيقول “كريم”:”لم أكن جنديا حين التقيتهم. كنت في بعض المتاعب، في محاولة للهروب من بلدي. الجنود أرادوا أن يمسكوا بي و يجعلوا مني عبرة”. فكرت حينها في رغبتي الدائمة للهرب بعيدا عن مكاني و حياتي حاليا، بعيدا عن متاعب الاهل. ظننت ان “كريم” ارتكب جريمة كبيرة ليثير غضب الجيش في بلاده, لكن لم اتوقع أبدا أن هويته هي الجريمة

لاحقا في اللعبة، صار لدي فرصة للجلوس مع الثور الحديدي والتعرف على مجموعته. رائع! المزيد من “كريم”! في هذا المشهد يمزح “كريم” مع قائده و يعلق علي مظهر الدرع الذي يرتديه الثور، انه مثل “مشد الصدر” (يرتديه الاشخاص الترانس ليبدو الصدر ذكوري).انطلق مصباح في رأسي حين سمعت هذه الكلمة، وبعدها وجدت هذه الأسئلة كخيارت يمكنني أن أسأله إياها
هل أنت امراة؟
لماذا تتظاهر بأنك رجل؟
متي علمت؟
ماذا؟؟ مهلا…حقا؟؟ مشد صدر؟؟ تظاهر؟؟ متي علم “كريم” ماذا؟ هل هو…ترانس؟ حسنا حسنا أريد التاكد تماما أن هناك أخيرا شخصية ترانس في لعبة مشهورة…ماذا أساله؟
لابد أنكم تفكرون، لما تسمح اللعبة للاعب أن يسال هذه الاسئلة التي تشكك في هويته, هذا ليس تصرف جيد.نعم، ليس تصرف لائق، لكن الحقيقة هي أن الأشخاص الترانس يُسألون هذه الأسئلة كثيرا، وإجابات “كريم” كانت رائعة. اخترت ثاني سؤال” لماذا تتظاهر بأنك رجل” ويجيبني كريم بصرامة “انا لا اتظاهر بشيء”. آه…أنا أفهم ماذا يقصد، هو يقول لي “انا لا اتظاهر أني رجل. أنا بالفعل رجل”. تأثرت كثيرا بثقته في نفسه، كم كنت أريد أن أكن واثقا هكذا
حين تسأله “متي علمت أنك ترانس؟” يقول “كنت دائما أعلم. ليس أفضل شيء يحدث لك في بلادي، بالإضافة إلى الفقر”. ياه كم هذا صعب.كم من أشخاص ترانس في العالم الواقعي يعيشون في بلاد تقمعهم؟ كم من أشخاص ترانس يعيشون في فقر ولا يقدرون على الاستقلال أو السفر أو الدفع لاجراءات العبور؟
حين تساله بتعجب “هل أنت امراة؟ مهلا…لم ألاحظ انك ترانس” يتجاهل كريم السؤال ويقول بنغمة مرهقة ساخرة”لم تلاحظ؟! رائع،هيا نتناقش جميعا عن الامر”. هذا يوضح أن “كريم” سُأل هذا تكرارا. هنا أيضا يسخر كريم فكرة أن بامكان تمييز أو ملاحظة الأشخاص الترانس عن الآخرين

ما يكمل هذا المشهد حين أضاف الثور تعليقه:
-في بلادي لدينا نحن أيضا أشخاص ترانس
-ولا يميزونهم عن الرجال الحقيقيين؟
-هم رجال حقيقيين. مثلك تماما
-حسنا، ربما بلادك ليست سيئة
أثرت في كلماته أيضا، وسيكون هناك دائما أصدقاء يدعموننا و يحترموننا. من الجيد أن يتحدث عن وجود أشخاص ترانس في بلاده، لأن هذا يعكس الواقع، الأشخاص الترانس موجودون في كل البلاد والحضارات اتذكر العديد من العرب –من ضمنهم أهلي- يقولون: “ليس لدينا هنا ما يسمى بالجندر”. وكأن الاشخاص الترانس يوجدون في الغرب فقط
:بعد هذا المشهد تسأل البطلة الثور عن كريم
-ألا يضايقك أبدا أن “كريم” امراة؟
-هو ليس امراة. انظري انا لدي قرون. انتي تطلقين النيران من الهواء. نحن لسنا أنسب الأشخاص لتحديد ما هو “طبيعي”. كريم رجل خير، لا يضايقني أبدا إن كان لديه بعض الصعوبة في التبول واقفا
أسعدني وأضحكني رده، رائع! معك حق! هذا العالم مليء بالاختلاف، من يحدد ما هو الطبيعي؟ تحديد ما هو “طبيعي” يضر جميع الآخرين الذين لا ينتمون لهذه القواعد المقررة. تبا لأدوار النوع ونمطية المغايرة وانسجام الجندر. ما يهم أن الانسان خير
_______________
باسل إيرين… كاتب وعابر جنسيًا
تعليق واحد