ترانسات Transat

الجندر جندرنا

تجليات عابرة

اللعبة التي غيرت حياتي – “الجزء الثاني”

لقراءة الجزء الأول

كتب: باسل إيرين

 أتذكر كم شعرت بالغيرة تجاه “كريم”، إن أصدقاءه يدعمونه ويعاملونه كرجل بلا أي تحفظات، كمثال، حين يتمرن الثور مع “كريم” لا يتساهل معه أو يسخر منه. أكره كيف يعاملني الأولاد في الواقع  وكاني سأنكسر بمجرد لمسي. هناك أيضا مشهد لجني سحري، لديه القدرة علي معرفة كل شيء عن الناس بمجرد لقائهم، وينادي “كريم” بصيغة المذكر. حين شكره الثور لأنه استخدم الصيغة الصحيحة مع كريم حتي بعد أن علم أنه ترانس، يقول له الجني “تعبيره عن نفسه صحيح. لكن جسده غير مطابق. يزعجه هذا، لكن دعمنا يريحه.”

فيما بعد، يتقرب “كريم” أكثر من البطلة. حكى لها كم كان يعاني حين تجبره والدته علي ارتداء لباس لا يناسبه  وحين أجبرته علي الزواج من أجل المال، كيف كان يكره نفسه حين ينظر الي مرآة والده. يذهب “كريم” للجيش و يقع في مشاكل حين يرحل الطبيب الذي أعطاه رشوة ليسمح له بالتجنيد. الطبيب الجديد يخبر “كريم” أنه سيعلن للآخرين أنه “فتاه مختلة في عقلها، مجنونة” ليشفقوا علي “الفتاه المسكينة” وربما يسمحون له بالخدمة. حينها ضربه “كريم” وهرب بعيدا، طارده الجنود لأنه “ليس رجلا”. “كريم” حقا مذهل، لا يقبل بالإهانة أو أن يراه الناس كمريض، هذا صحيح . نحن نريد الاحترام لا الشفقة ونظرات الأسف.”كريم” تخطي الكثير من الصعاب ليعيش بحرية، العواقب والضغوط التي أمامنا في كل ركن من حياتنا من الأهل والمجتمع والقانون والأطباء وفي المدارس والخدمات والعمل، فقط لأننا لا نطابق ما هو “طبيعي”

27994048_406164739844217_691443297_n
أتذكر كم شعرت بالغيرة تجاه “كريم”، إن أصدقاءه يدعمونه ويعاملونه كرجل بلا أي تحفظات، كمثال، حين يتمرن الثور مع “كريم” لا يتساهل معه أو يسخر منه. أكره كيف يعاملني الأولاد في الواقع  وكاني سأنكسر بمجرد لمسي

بإمكان البطلة أن تسأله “لماذا قررت أن تصبح رجل؟” فيقول عرضا “لم أقرر شيء. أنا هكذا طيلة حياتي”. إجابة معبرة! الكثير من الأشخاص يسألوننا “لماذا قررت هذا؟؟” مع أن هذا “القرار” هو فقط الإعلان. بعدها يحكي “كريم” بحنين كيف كان يقلد والده ويتظاهر بالحلاقة في المرآة معه، وكيف أن والده ربما علم أنه رجل لكن لم يقل شيء. حينها بدأت بالتفكير في كل الأشياء الصغيرة التي قمت بها طوال طفولتي وخاصة عبر المراهقة، الأشياء التي كانت تريحني وتشعرني بالقرب من هويتي. وتغمر الذكريات عقلي.. لماذا كنت أتجاهل مشاعري طوال هذا الوقت؟! لماذا لم أتقبل من البداية أنني ترانس؟ لماذا حاولت “التأقلم” مع الانزعاج  وتدمير نفسي؟ أو ربما، لم أكن أتجاهل مشاعري، بل كنت أدفعها للأسفل، كنت خائفا من مواجهتها، لأني أعرف أنني إذا واجهت مشاعري، سوف أواجه بعدها السؤال الحاسم: ماذا الآن؟

 تفاجأت حين قال “كريم” أنه ليس مهتما بتغيير جسده بالسحر، بل العبور الاجتماعي فقط هو ما يريحه و يسعده، بالإضافة الي اللباس الذكوري (إذا كنت مكانه كنت حتما سأستخدم السحر!). لم لكن أفهم بتاتا…هو ترانس, إذا لما لا يريد تغيير جسده؟؟ بعدها بحثت وتعلمت عن تنوع مجتمع الترانس, كيف أننا ليس لدينا نفس الاحتياجات أو درجة الانزعاج (انزعاج اجتماعي, جسدي,فكري الخ)، وليس بالضرورة أن نجري كل العمليات الجراحية أو نخضع للعلاج الهرموني أو ننتمي للثنائية. ببساطة،  ليس هناك طريقا واحدا أو مسارأ معينا لتكون “ترانس حقيقي”، نحن لسنا وحدة متراصة

28117104_10159969928680481_2046055685_n-1.jpg
كريم شخصية مشوقة، رجل طيب و خير، فخور وواثق في نفسه ولا يقبل الإهانة، يحب المزاح و لبس الدروع، يحب المحاربة والمغامرات والحرية، يحب اصدقاءه و قائده ويحب الدفاع عنهم، وأيضا…ترانس

هل كنت قد وصلت إلى ما أنا عليه الآن من دون “كريم”؟! نعم، بطبيعة الحال، بالتدريج، لكن “كريم” كان الدافع الذي كنت في حاجة ماسة له، لتقبل وحب نفسي كرجل، عابر جنسيا، ومواجهة نفسي. دفعني للتعلم أكثر عن مجتمع الترانس. رؤية نفسي في لعبة فيديو مشهورة(حتي لو كان شخصية جانبية) هذه البداية، شعرت أني اقل وحدة، وبسعادة كبيرة لأن طوال حياتي نادرا ما رايت أي أشخاص مثلي في الفن. “كريم” شخصية مشوقة، رجل طيب و خير، فخور وواثق في نفسه ولا يقبل الإهانة، يحب المزاح و لبس الدروع، يحب المحاربة والمغامرات والحرية، يحب اصدقاءه و قائده ويحب الدفاع عنهم، وأيضا…ترانس. منذ ذلك الحين وأنا ألعب في الألعاب كلها بشخصية رجل، وغيرت ضمائري للمذكر في كل وسائل التواصل الإجتماعي التي استخدمها. آه- ملحوظة أخيرة- اذا لم تلعبوا اللعبة، افعلوا الآن

 

.تمت

_____________

باسل إيرين… كاتب وعابر جنسيًا   

 

 

تعليق واحد

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: